

من قال إن السيارات الكهربائية يجب أن تكون صامتة؟ تُشير فيراري إلى العكس تماماً. ومع إطلاق طرازها الكهربائي الأول بالكامل، إليتريكا (Ferrari Elettrica)، تفتح العلامة الإيطالية صفحة جديدة في تاريخ الأداء العاطفي.. ليس فقط عبر القوة أو السرعة، بل عبر بصمة الصوت أيضاً، ذاك العنصر الذي لطالما شكّل روح إصدارات مارانيلو..
في قلب المشروع يقف “أنطونيو باليرمو”، المسؤول عن قسم الصوت والاهتزاز في فيراري، وعازف غيتار في الأصل. بالنسبة له، كانت الفكرة واضحة:
“لا نريد صوت مزيّف أو تقليد لمحرك فيراري القديم، بل لغة جديدة تعبّر عن هوية فيراري الكهربائية.”
وهكذا وُلدت الفكرة الجريئة: جعل إليتريكا تعزف كغيتار كهربائي. إذ يقوم مُسرّع اهتزاز (Accelerometer) مثبت على محوّل الطاقة في المحور الخلفي بالتقاط ترددات المحرك الكهربائي وتحويلها إلى موجات صوتية يتم تضخيمها داخل المقصورة.. تماماً كما يحوّل الغيتار الكهربائي اهتزاز الأوتار إلى نغمة عبر مضخّم الصوت.
إنه مبدأ “الروك أند رول” في عالم السيارات! فمثلما غيّر “ليو فيندر” و”ليس بول” عالم الموسيقى في خمسينيات القرن الماضي، تحاول فيرا اليوم إعادة تعريف تجربة القيادة الكهربائية من خلال إحساس السمع قبل التسارع.
ولم يكتفِ الفريق بابتكار مؤثرات رقمية، بل أراد صوت حقيقي نابع من جسد المركبة نفسها. لذا يشرح باليرمو:
“فكّر في السيارة كآلة موسيقية. لكل مكوّن فيها نغمة خاصة. نحن نستبعد الأصوات المزعجة مثل الصفير الميكانيكي، لكننا نُبرز الترددات الجميلة المُعبّرة عن القوة والحركة.”
ويضيف مبتسماً:
“كما نسمّي محركات الاحتراق ‘أوركسترا ميكانيكية’، فإن هذا المحرك الكهربائي يملك أوركستراه الخاصة. تختلف الأصوات من اليمين إلى اليسار، ومن سرعة إلى أخرى، ما يمنح السائق شعور حقيقي بالارتباط بالآلة.”
حتى أن الفريق فكّر بإضافة مؤثرات خفيفة تشبه الـ LFO (تردد منخفض يُستخدم في موسيقى الـ EDM)، لتوفير إيقاع نابض أشبه بنغمة “wo-wo-wo” الديناميكية. إنما وكما يقول باليرمو:
“عقل الإنسان يكتشف الأصوات المصطنعة بسرعة، لذلك كنا حذرين جداً للحفاظ على الأصالة.”
ماذا عن تكنولوجيا الصوت المتقدمة؟ يصف الصانع الإيطالي هذه العملية باسم “اللغة والاتصال” (Language & Connection)، حيث لا يقتصر الصوت على الجمال بل يمثل أيضاً وسيلة تواصل بين السائق والسيارة. تمت تجربة أكثر من 50 نقطة التقاط صوتية قبل تحديد الموقع المثالي، وكان الأمر ممكناً لأن الهيكل يتمتع بصلابة التوائية هائلة.
ولأن الأداء لا يُقاس فقط بالقوة، ركّز الفريق أيضاً على تقليل زمن الاستجابة الصوتية (Latency) إلى أقل من عتبة إدراك الإنسان. ما يعني أن الصوت يرتبط فورياً بما تفعله قدمك على دواسة التسارع!
بل وأكثر من ذلك، يتفاعل النظام بذكاء دقيق مع وضع القيادة عبر ميزة Torque Shift Engagement التي تُغير مستويات العزم والقوة بخمس درجات، ما يخلق نغمة مختلفة مع كل انتقال. فحين تضغط بشراسة، يرتفع الصوت إلى كريشندو موسيقي مثير، أما عند السرعات الثابتة في الطرق السريعة، فيختفي ليتركك في هدوء تام.
حتى اللحظة، لم يُكشف رسمياً عن الصوت النهائي الخاص بـ إليتريكا، لكن يعد باليرمو بنغمة “تكشف عن نفسها بالتفاصيل لا بالألعاب النارية”.
بكلمات أخرى، هذه ليست فيراري تصرخ.. بل فيراري تعزف.. ولا حصان جامح بدون صهيل.. نقطة انتهى.
