استمع جيداً.. هل تسمع ذلك الصوت؟ ربما يدور “إنزو فيراري” في مرقده الآن كعمود كرانك لمحرك V12، لأن أول سيارة كهربائية بالكامل من دار مارانيلو باتت شبه جاهزة للإنتاج..
نعم، فيراري إليتريكا (Ferrari Elettrica)، الاسم المؤقت حتى الآن.. وهي ليست مجرد خطوة تقنية، بل لحظة تاريخية تُعيد تعريف الأداء للحصان الجماح الإيطالي في عصر الكهرباء.. فهذه المرة سيكون الحصان الجامح قوي كما اعتدناه، لكن صامت تماماً وبأربعة مقاعد..
في هذا السياق، كشفت العلامة عن أولى التفاصيل التقنية التي تُشعل الحماس.. نحن نتحدث هنا عن أربعة محركات كهربائية (اثنان في الأمام، اثنان في الخلف) من نوع Permanent Magnet Synchronous بتقنية Hallbach Array، مستمدة مباشرة من عالم الفورمولا 1.
القوة الإجمالية؟ أكثر من 1,000 حصان مع عزم دوران يتخطّى حدود المنطق.. 3,500 نيوتن متر على المحور الأمامي، و 8,000 نيوتن متر على المحور الخلفي.. ماذا دهاهم هناك في مارانيلو يا رجل! هل يريدون إقفال ملف السيارات الكهربائية كلياً بتفوق “مثير”؟
وبطبيعة الحال، النتيجة هنا هي تسارع من السكون صفر إلى 100 كم/س خلال 2.5 ثانية وسرعة قصوى تبلغ 310 كم/س!.. حتى فخر مارانيلو “F80” بقوة 1,200 حصان، ستنظر إلى هذه التحفة بإعجاب..
حسناً، خلف تلك القوة هناك بنية تستحق الإشادة.. في قلب هذا الوحش الكهربائي تقبع بطارية ضخمة بسعة 122 كيلوواط/ساعة، بمدى يتجاوز 530 كم بفضل بنية 800 فولط، وسرعة شحن تصل إلى 350 كيلوواط. وهنا المفاجأة: لقد صُممت البطارية وجُمّعت داخل مصانع فيراري نفسها، وتتميّز بأعلى كثافة طاقة في العالم لسيارة إنتاجية (195 واط لكل 1 كجم)، متفوقةً حتى على “ريماك نيفيرا”!
أما التوزيع الذكي للبطاريات بين الأمام والخلف فيخفض مركز الثقل بمقدار 80 ملم مقارنةً بـ”بوروسانجوي”، ويضمن خفة تفاعل لا تصدَّق..
ولأول مرة في تاريخها، تستخدم الشركة العريقة هيكل جديد بجزء خلفي منفصل Subframe متصل عبر دعامات مرنة Elastomeric Bushes لتقليل الاهتزازات والضوضاء، خصوصاً في غياب زئير محركات البنزين.. يقلل هذا الحل المبتكر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 6.7 طن لكل نسخة أثناء عملية التصنيع.
لا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل لدينا هنا المزيد.. تعتمد إليتريكا على تطوير جديد لنظام التعليق النشط 48V Active Suspension من طراز “بوروسانجوي”، مع توجيه رباعي وتوزيع عزم على كل محور. والنتيجة؟ تحكم في كل عجلة بشكل مستقل عبر ثلاث محاور، أي أن فريق التصنيع بات يتحكم بكل ملمس للطريق، وكأن المركبة تزن 450 كجم أقل مما هي عليه فعلاً.
أما الصوت فليس وهمياً، بل حقيقياً.. والسؤال الذي يشغل الجميع: كيف ستبدو فيراري كهربائية بلا هدير؟ الإجابة عبقرية.. فبدلاً من مؤثرات صوتية مسجّلة، تم تثبيت مستشعرات دقيقة على مبيت المحرك الخلفي تلتقط الاهتزازات الحقيقية، وتُضخّم داخل المقصورة بعد تصفيتها من الضجيج غير المرغوب.. إنه أشبه بعزف جيتار كهربائي – الصوت لا يأتي من الهواء، بل من المعدن نفسه!
ونعم، لدينا المزيد كذلك.. ابتكرت فيراري ما تسميه Torque Shift Engagement، وهو نظام تبديل غيارات، “ربما”، يخلق خمس مراحل في منحنى القوة والعزم. ففي الوضع “اليدوي”، ستشعر بقفزات تسارع مميزة عند كل سحبة للبادل الأيمن، ومع كل كبح وسحب للبادل الأيسر، تزداد قوة الكبح التجديدي كما لو أنك تنزل غيارات محرك تقليدي.. واو.. شابو با فيرا..
وبالطبع، هناك eManettino جديد بثلاث أوضاع: Range للمدى الأطول، Tour للتنقل المريح، و Performance للأداء الأقصى. أما الوضع “ESC OFF”، فهو للمغامرين فقط، حين تنفصل كل أنظمة المساعدة، وتبقى أنت والسيارة.. وحدكما يا صديقي..
هل العالم مستعد “حقاً” لفيراري كهربائية؟ منذ LaFerrari الهجينة عام 2013، ومروراً بـ SF90 و 296 GTB، كانت الكهرباء بالنسبة للحصان الجامح مجرد أداة لزيادة الأداء. أما الآن، تمثّل صيغة إليتريكا قفزة نحو المستقبل.. مستقبل لا يعتمد على الصوت، بل على الإحساس، والدقّة، والجرأة الإيطالية الخالصة..
قد تكون صامتة، لكنّها بلا شك تحمل DNA مارانيلو في كل إلكترون ينبض فيها..
السؤال الآن: هل نحن مستعدون لسماع الصمت.. على طريقة فيراري؟ أجل، ننتظر ونترقب..