
بينما يستعد العالم لاستقبال أول سيارة كهربائية بالكامل من فيراري، “إليتريكا” (Ferrari Elettrica)، في أواخر العام المقبل، تطمئن الشركة الإيطالية عشاقها بأن صوت المحركات الصاخب لن يختفي قريباً.. حسناً، هذه بداية جيدة جداً الآن.. لنتابع..
في اجتماعها السنوي المخصّص للمستثمرين، والمعروف باسم “Capital Markets Day”، أعلنت فيراري رسمياً التزامها بمواصلة تطوير محركات الاحتراق الداخلي الأسطورية V6 وV8 وV12، مؤكدة أنها ستبقى ركيزة أساسية في هوية العلامة حتى عام 2030 وما بعده.. والحمدلله!
نعم، لا تزال مارانيلو متمسكة بالقلب النابض والصوت الطربي الأصيل لصهيل حصانها الجامح.. ففي البيان الرسمي أتى التصريح التالي:
“سنواصل تقديم وتطوير محركات الاحتراق الداخلي V6 وV8 وV12، بما يتماشى مع القوانين العالمية الجديدة، مع التركيز على زيادة القوة النوعية وضمان التوافق مع أنواع الوقود البديلة.”
وهذا يعني أن الصانع الإيطالي يراهن على مستقبل الوقود الاصطناعي المحايد كربونياً، والذي قد يكون المنقذ الحقيقي لمحركات البنزين من الانقراض، مع الحفاظ على الأداء والانبعاثات الصديقة للبيئة في آن واحد.. وبحسب الخطة التي كُشف عنها في مارانيلو، فإن توزيع منظومة الدفع بحلول عام 2030 سيكون كالآتي: 40% محركات احتراق داخلي (ICE)، 40% هجينة (Hybrid)، و20% كهربائية بالكامل (EV).. نشكر الله على رجاحة العقلاء في مارانيلو يا رجل..
منذ عام 2022، أطلقت الشركة 14 طراز جديد، ومع ذلك، يبدو أن وتيرة التطوير لن تتباطأ.. فخلال الفترة ما بين عامي 2026 و2030، تخطط الشركة للكشف عن أربع سيارات جديدة سنوياً في المتوسط، تشمل فئات كوبيه، سبايدر، وحتى سيارات بأربعة أبواب، مع استخدام هياكل من الألمنيوم وألياف الكربون.
من الواضح أن إليتريكا ستكون نجمة المرحلة القادمة، لكنها لن تكون البداية أو النهاية، فقد تم تأكيد مواصلة اللعب على جميع أوتار الأداء.. من البنزين النقي إلى الكهرباء الصامتة.. ومن الحلبات إلى الشوارع الراقية..
من جهة أخرى، لم تكتفِ الإدارة بالحديث عن المحركات فحسب، بل ألمحت أيضاً إلى مستقبل أبعد يشمل مواد إيروديناميكية متكيّفة قادرة على تغيير شكلها لتحسين تدفق الهواء والتبريد والثبات، إلى جانب استخدام الموصلات الفائقة في المحركات الكهربائية، ما يعني كفاءة أعلى وطاقة مفقودة أقل. إنها لمحة عما تخطط له مارانيلو لتبقى في صدارة الابتكار حتى في عصر الكهرباء.
ليخرج بدوره، الرئيس التنفيذي، بينيديتو فيجنا بتصريح يؤكد من خلاله أن فلسفة العلامة لم ولن تتغير:
“تكمن فرادة فيراري عند تقاطع التراث والتكنولوجيا والسباقات. إن روح مؤسسنا إنزو فيراري، ورؤيته الجريئة لإعادة تعريف حدود الممكن، لا تزال تقود طموحاتنا اليوم وتلهم مستقبلنا في العقد القادم.”
بهذا التصريح، يعترف فيجنا أن شغف السباقات وعاطفة الصوت الميكانيكي سيبقيان جوهر هوية الحصان الجامح مهما تغيّر العالم من حولها..
وهنا يبرز لدينا سؤال هام: الحصرية مستمرة… ولكن إلى متى؟
اليوم، تمتلك فيراري تشكيلة مذهلة تضم 15 طراز للطرق العامة (من 296 GTB إلى F80)، إضافة إلى 5 سيارات حلبات مثل FXX-K Evo و499P Modificata، بجانب برامج العملاء الخاصة F1 Clienti، والإصدارات الفريدة المصممة حسب الطلب. فهل يمكن لها أن تحافظ على فلسفتها التاريخية القائلة “بيع سيارة أقل من طلب السوق”؟ أم أن زمن الحصرية المطلقة بدأ يتراجع أمام طموحات النمو العالمية؟
بين صوت V12 الهادر وصمت البطاريات الكهربائية، تسير فيراري بخطى واثقة نحو توازن مثالي بين الماضي والمستقبل. إنها لا تودّع الوقود الأحفوري، بل تعيد تعريفه بطريقة أنظف، أقوى، وأذكى.
فيراري لا تركض خلف التيار.. إنها تُعيد رسمه.. نقطة انتهى.
