تشهد صناعة السيارات العالمية تحولات جذرية، حيث تتسارع وتيرة الاندماج والاستحواذ بين الشركات بحثاً عن تحقيق اقتصاديات الحجم الكبير وتعزيز القدرة التنافسية. لا سيما بعد رواج نهج السيارات الكهربائية المستدامة، لذا في هذا السياق، أعلن كل من العملاقين اليابانيين، نيسان Nissan وهوندا Honda، عن دخولهما في مفاوضات لتأسيس شركة قابضة مشتركة تجمعهما، مما يفتح آفاق جديدة أمام شراكة استراتيجية فريدة، وسط منافسة محتدمة دولياً..
لا يُخفى على أحد أن نيسان تُعاني من تعثرات مالية عديدة، فبات من الطبيعي أن يتحرّك القائمون على أعمال إدارتها العالمية من أجل تنفيذ مشروع جديد يُنقذها من هذه التعثرات. ستسمح المحادثات للشركتين بتعزيز التعاون في مجالات عدة، منها التكنولوجيا، والاستراتيجيات المالية والصناعية، الخاصة بقطاع صناعة السيارات.
تأتي هذه الخطوة في ظل سعي شركات أخرى مثل تسلا، ومثيلاتها من الجنسية الصينية، لإرساء مفاهيم وأسس حديثة لتشكيل الوجه الجديد للصناعة الميكانيكية. ويهدف الصانعان اليابانيان إلى إنشاء شركة قابضة شاملة ينضويان كلاهما تحت مظلّتها. إلا أنه لا يزال من غير المعروف ما إذا كان هدف الشركة القابضة الجديدة هو دمجهما بشكل كامل. لكن على الأقل، تُشير جميع مصادرنا إلى شروعهما في محادثات الاندماج..
تجدر الإشارة إلى أنه في الأشهر الأخيرة، قامت الشركتان في ترسيخ عمق العلاقة بينهما، لمواجهة التحديات الناجمة عن التحولات الكبيرة في صناعة السيارات، وخاصة مع انتشار المركبات الكهربائية. إذ وبعد اشتداد المنافسة في السوق العالمي، تعاني شركات السيارات من انخفاض الطلب في أوروبا والولايات المتحدة، مما يزيد من التحديات التي تواجهها.. وهنا، نعلم جميعنا ما هو السبب.. تسلا والشركات الصينية..
وفي بيان صادر عن كل من نيسان وهوندا على حدة، أفادت التصريحات عن توجهات نحو استكشاف فرص تعاون مستقبلي، من أجل الاستفادة من مكامن القوة لدى كل طرف. كما تم تأكيد أنه سيجري إعلام الجهات المعنية بأي تطورات في الوقت المناسب.
وفي سياق متصل، أوضحت لنا مصادرنا في علامة رينو الفرنسية، التي تُعد من كبار المساهمين في نيسان، أنها لا تملك أي معلومات إضافية عما ذكرناه مُسبقاً.. لكننا نعلم أن هناك أمراً ما يلوح في الأفق..
شهد العام الماضي تصاعد المنافسة في سوق السيارات الكهربائية بسبب صراع الأسعار بين تسلا ومنافساتها في الصين، وعلى رأسها بي واي دي BYD. مما دفع شركات مثل نجمتي هذا الخبر إلى البحث عن حلول لتقليل التكاليف وتسريع الابتكار، حيث يُعد الاندماج خياراً محورياً.
تُقدر القيمة السوقية لهوندا بـ 38.8 مليار دولار، مقارنةً بـ 7.6 مليار دولار لنيسان، مما يجعل أي صفقة محتملة واحدة من الأكبر في القطاع منذ اندماج فيات كرايسلر وبي إس إيه في 2021. وقد حققت كلتاهما مبيعات عالمية بلغت 7.4 مليون مركبة في عام 2023، إلا أن المنافسة الشديدة جعلت هذا الرقم غير كافي نسبياً..
يُذكر أنه في الآونة الأخيرة ظهرت إمكانيات كبيرة لإجراء تحالف ثلاثي بين ميتسوبيشي، ونيسان، وهوندا. إذ تسعى الأخيرتان إلى ضم الأولى تحت مظلة الشركة القابضة أيضاً (تملك نيسان مساهمة بنسبة 24% في ميتسوبيشي، وهي الأكبر حصراً).
في الختام، كانت نيسان قد أعلنت الشهر الماضي عن تراجع صافي أرباحها في النصف الأول من العام بأكثر من 90% مقارنةً بالعام السابق، كما خفضت توقعاتها للأرباح التشغيلية السنوية بنسبة 70%. لذلك، يعتقد معظم الخبراء، وعلى رأسهم خبيرنا المتخصص في الشؤون “الميكا-اقتصادية” الأستاذ “خلدون الحجار”، أن هذه الشراكة ضرورية للحؤول دون إفلاس نيسان.. الصانع العريق الذي لطالما أمتعنا بطرازات رائعة، مثل جودزيلا جي تي ار، و 350 زد، وجي 35، وغيرها المزيد..