بثقة تامة وعزيمة كبيرة، سلكت ريما الجفالي، صاحبة المركز الرابع في قائمتنا لأبرز 10 شخصيات نسائية في عالم السيارات ضمن الشرق الأوسط، مسار مختلف. إذ انطلقت في رحلة شاقة لتحقيق شغفها الأول في رياضة السيارات، لتُصبح في عامها الثاني والثلاثين حالياً أحد الأسماء الكبيرة في هذا القطاع “الذكوري” إذا ما صح التعبير، مقارعةً سائقين محترفين من مختلف بلاد المنطقة..

ريما، شابة من جدة، درست العلاقات الدولية في جامعة “نورث إيسترن” في بوسطن بعد انتهاء مرحلة التعليم الثانوي. بعد التخرج، أكملت برنامد تدريبي في مجال الاقتصاد في نيويورك ولندن، ووجدت شغفها بالاقتصاد. بعد هذا، عادت إلى وطنها وخططت لتأسيس شركتها الخاصة، لكنها اكتشفت شغفها القديم بالسيارات والسباقات مرة أخرى. لتقرر خوض غمار هذا الميدان مبتسمةً، ومتحدية..

بدأت رحلتها المذهلة منذ صغرها، حين دخلت دائرة الكارتينج، مُحطمةً الحواجز المجتمعية وحدود المُمكن. تخلت عن وظيفتها للمنافسة على الحلبات، كما تُعد أول سعودية تحصل على رخصة قيادة لسباقات السيارات، حيث شاركت، بعد سنوات من التدريب والدراسة في إنكلترا، في بطولة “الفورمولا 4” في إنكلترا، وبطولة “MRF” في الهند عام 2019. وقد حققت المركزين الثاني والثالث في بطولتي كأس “تي آر دي 86” في أبو ظبي.

دوّنت انطلاقتها الفعلية الاحترافية في عام 2018، فقد شاركت في أحداث فورمولا إي الدرعية، لتصبح أول امرأة سعودية تُشارك في سباقات دولية بشكل رسمي على أرض المملكة.  ثم تابعت تفوّقها في مسيرتها عبر نجاحات عدة أخرى، فاحتلت المركز الرابع في بطولة “الفورمولا 2” البريطانية في عام 2012.

وعلى إثر ذلك، فازت بالمركز الثاني في سباق التحمل لمدة 24 ساعة في دبي في العام الذي يليه. بالإضافة إلى ما ذُكر، تم اختيارها لتمثيل السفير الرسمي في النسخة الأولى من جائزة السعودية الكبرى لـ “الفورمولا 1” في جدة.

في هذا السياق، أعربت الجفالي عن أهمية الصعوبات التي واجهتها وكيف دفعتها للأمام بشكل أكبر، قائلةً: “في بداية طريقي، واجهت عدة تحديات، بدءاً من عدم توفر حلبات في المملكة، ووصولاً إلى عدم معرفتي بأي متسابق أو شخص يعمل في هذا النطاق. لذا، توجّب علي البدء من الصفر، وأتعلم وأتدرب وأتعرف على أشخاص جدد، وأواجه التحديات والتجارب في الحلبة”.

وأضافت: “واجهت تحديات كبيرة أحدها عامل السن، إذ جاورني متسابقون بسن أصغر مني بكثير، بأعمار تتراوح بين 8 و9 سنوات، بينما كنت أنا في الـ26 من عمري، ومع هذا، كنت أرغب في تعلم فن سباق السيارات مثلهم. بشكل عام، كان أكبر التحديات أمامي هو خطوة البداية”.

توّجت المحترفة جهودها في الأعوام الماضية من خلال إنشاء فريقها الخاص تحت مُمسّى “ذيبة موتورسبورت”. وذلك لتسهيل دخول السعوديين في السباقات والمشاركة في المحافل الدولية، ودعمهم بمجموعة متنوعة من الفرص والبرامج التعليمية. ظهر الفريق للمرة الأولى في بطولة جي تي المفتوحة الدولية لعام 2022، وحقق الفوز في أول ظهور له. مما ساعدها بتسطير إنجاز جديد يتمثّل بكونها أول امرأة سعودية تفوز بسباق سيارات دولي، ثم حققت المركز الثاني في فئة “برو إم” في البطولة.

في عام 2023، صنعت التاريخ كأول امرأة على الإطلاق وأول سائقة سعودية تحقق المركز الأول في بطولة كأس “سبرينت”، ضمن تحدي “جي بي ورلد يوروب”. يأتي تألّقها الأخير، عبر مشاركتها في الجولة الأولى من سلسلة أكاديمية “فورمولا 1” لعام 2024، في حلبة كورنيش جدة، على هامش فعاليات الجائزة الكبرى في الفترة من 7 إلى 9 من شهر مارس الماضي، في نسختها الرابعة توالياً.

تجسد السائقة العنيدة رمز للتغيير والإلهام في المجتمع النسائي على الصعيد المحلّي والاقليمي، حيث تشجعهن على تحطيم الحواجز وإنفاذ طموحاتهم، مؤكدة أن الإرادة والعزيمة تساهمان بالوصول إلى أي شيء. كما تخطط للمشاركة في المزيد من السباقات الدولية، وتسعى لتأسيس أكاديمية لتدريس رياضة السيارات للنساء في وطنها الأم، بوصفها ليست مجرد سائقة، إنما حافزاً ومثالاً للتقدم، يُحتذى به للسيدات في كل مكان.

يُذكر أن شبكة بي بي سي، والتي تتبع لها منصة توب جير الشرق الأوسط، أدرجت ريما الجفالي ضمن قائمتها لعام 2022 لأكثر 100 امرأة ملهمة ومؤثرة حول العالم.. لنختم مع نصيحتها الآسرة للشبان والشابات: “أبرز تصيحة أستطيع تقديمها للجميع هي الثقة بالنفس. ينبغي على كل شخص منح نفسه الفرصة لاكتشاف الأشياء الجديدة، واختبار قدراته في مواقف متنوعة، بعيداً عن الحواجز الذهنية.. والسعي باستمرار لاكتشاف شغفه في الحياة والوصول إلى أحلامه بكل حماس”.