نعم، تم تغيير مُسمّى اللعبة، لكننا حصلنا على كرة قدم افتراضية أفضل!

وداعا لاسم “فيفا”، ومرحباً بـ ” EA FC 24″. سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى نعتاد التسمية الجديدة، وقد يستمر غالبية الجيمرز بتسميتها ” FIFA 24″. إلا أنه بعد قضاء ساعات مطوّلة في اللعبة، لا بُد من إنصاف شركة EA التي بذلت جهداً كبيراً لتبدوَ نسخة 2024 جديدة وثورية بخصائص الديناميكية والحركية الواقعية. بات الأمر واضحاً بأننا ربما أمام الإصدار الأفضل في تاريخ اللعبة الممتد لأكثر من ربع قرن، تحديداً منذ عام 1993 حين تم إطلاق النموذج الأول منها “فيفا سوكر 94”.

لنعود إلى تاريخنا الحديث لنستذكر معاً كيف آلت الأمور إلى تغيير العنوان. فقد قطعت EA علاقاتها مع الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA في عام 2022 بعد أن طالب الأخير بمبلغ مليار دولار مقابلاً للاستمرار باستخدام تسمية FIFA. الأمر الذي حال بأن تكون فيفا 23 آخر لعبة من سلسلة الألعاب الإلكترونية الشهيرة يحمل غلافها علامة FIFA. في المقابل حصلنا على اسم جديد غريب بعض الشيء، لكنه الأكثر تعبيراً عن عالم كرة القدم الافتراضية وهوية الشركة المطوّرة الحقيقية.

تبدأ اللعبة بعرضٍ تقديمي لانطلاق تيموثي ويا نحو الجناح في منطقة دفاع لاتسيو غير المنظم الذي تم استدراجه خارج موقعه بسبب خدعة فيديريكو كييزا. وبدلاً من القيام بعرضية نحو منطقة الجزاء، تتم المراوغة المميّزة من قبل لاعب جناح يوفنتوس مباشرة داخل المنطقة، مُتحدّياً قلب الدفاع. إنه يتطلع إلى تمرير الكرة إلى فلاهوفيتش وإنهاء الهجمة بالهدف المعتاد.. نعم، المقدّمة المتكررة ذاتها للمرة الثالثة توالياً في كل عام.. لكنها فعّالة جداً وتُهيّئ اللاعبين لخوض تحديات اللعبة بشكلٍ جيد.

ثم ينطلق المستخدم في غمار تجربته الأولى تحت مُسمّى “إي آي اف سي”، مُختبراً تصميماً جديداً مُختلفاً لصفحة البداية في اللعبة “Home” المتضمّنة لطور اللعب المتنوّعة مثل الالتمت تيم والمباريات الودية والبطولات الرسمية الشهيرة كالتشامبينزليج والدوريات العالمية وغيرها المزيد.. ليستمتع بنمط لعبٍ مُحدّث يتّسم بالواقعية إلى أبعد الحدود. وعلى هذا النحو، شهدنا قبل إصدار اللعبة تحسينات وتعديلات ملفتة طالت تفاصيل خارج ميدان اللعب. مع ذلك، يبقى الأمر معلوماً للجميع أن معظم المستخدمين يمضون وقتهم الأكبر داخل الملعب، مع التركيز الأساسي على المباريات نفسها. بينما يتم التفكير بالمشجعين في المدرجات واللاعبين في غُرف الملابس بشكلٍ أقل. إلا أنه قد يُساهم ذلك بتعزيز إضفاء أجواء كرة القدم الحقيقية وزيادة الحماس نحو المتعة الفعلية، تماماً كما المباريات الواقعية.

في المقلب الآخر، طوّرت الشركة أسلوب اللعب بشكلٍ يجعل منه بطيئاً بعض الشيء، إنما تأتي المتعة والإثارة على شكل لحظات متقطعة، على غرار ما يحصل في المباريات الفعلية. الأمر الذي يُمكّن اللاعب من الإحساس بالقيمة الزمنية للـ 90 دقيقة، ويُحقق العُمق المطلوب للعبة. إن وتيرة اللعب البطيئة نوعاً ما، جعلت التأنّي باتخاذ كل قرار من قبل اللاعبين في المباراة، سواء بالتمرير أو التسديد أو حتى المراوغة، أمراً ضرورياً للفوز.

ولعل أبرز ما لاحظه اللاعبون هو صعوبة التنظيم الدفاعي، فقد يُعتبر الثبات أو الوقوف في الدفاع بدون تحريك أي لاعب بمثابة الخطر المُحتم للخسارة. إذ من الأفضل بكثير تتبُّع اللاعب عبر مراقبته يدوياً، ومحاولة منع تسديداته وتمريراته بدلاً من إبعاده عن طريق التدخل المُعتاد. غالباً، سيتم تنفيذ التدخلات الدفاعية بتأخيرٍ نسبي أو خلال اللحظات الحرجة عندما يكون الخصم في وضعية أفضل. ما يُسبب إما الأخطاء أو سهولة المرور عن خطوط الدفاع. وبذلك سيخسر اللاعبون عدداً أكبر من الثنائيات والتلاحمات أكثر من أي وقت مضى. بحيث ستُربك أبسط مُراوغة خط الدفاع بأكمله، وقد تتسبب ببطاقة حمراء تعسُفية ومُبالغ بها.

من جهة أخرى، تم تحسين الضربات الركنية، فأصبحت أكثر دقة بكثير مما كانت عليه في الإصدار السابق، وبات التسجيل من خلالها أمراً متاحاً للغاية ومفتاحاً أساسياً في جميع المباريات. وضمن السياق ذاته، تسمح الميزة الجديدة PlayStyles ذات التأثير الكبير على تجربة اللعب هذا العام بالاستفادة من خصائص معينة مثل Power Shot المميتة أو القدرة على تمرير العرضيات بدقة محسّنة. فعندما تقوم بتحليل كل لاعب في فريقك وأساليب اللعب الخاصة به، ستبدأ بالفعل في استخدام مهاراته وسماته الفريدة بشكلٍ أفضل على أرض الملعب لتحقيق النتائج المرجوّة. أما بما يخص حرّاس المرمى، فستجدهم يتصدّون لأصعب الكرات التي يفشل الدفاع في إيقافها، لكنهم سيفوّتون تسديدات سهلة قد تدخل المرمى.. نأمل مُعالجة ذلك في التحديثات القادمة.

تستخدم التقنية الفيزيائية للرسوم “Hypermotion” معالجات الذكاء الاصطناعي لتحويل بيانات حركة اللاعبين الحقيقية إلى رسوم متحركة سلسة داخل اللعبة. بلغةٍ أخرى، وضعت الشركة بين أيدي المستخدمين إمكانية اللعب وفقاً للحركة الديناميكية الواقعية للاعبين الحقيقيين. هذا ليس سوى أحدث تطور لهذه التكنولوجيا، التي ظهرت لأول مرة في عام 2021، فتم تعديل طريقة عمل التمريرات والعرضيات وإحصائيات اللاعب لإضفاء إيقاع وإحساس جديدين أيضاً.

لذلك، تفاخرت EA بأنه يمكنك تسجيل “هدف هالاند” في هذه النسخة، تلك الركلة الجوية المذهلة التي سجّلها ضد فريق دورتموند في دوري أبطال أوروبا، ولكنه مثال وحيد من بين كثير من المهارات الأخرى المضافة، إلى جانب عامل ارتكاز اللعبة على التمريرات والمراوغات والفكر الكروي البحت..

هالاند

هناك أيضاً دور كبير لميزة “الزخم – Momentum”، التي تبدأ بانسيابية الرسوم ونظام التمرير المعدل. لتتميّز اللعبة فعلاً بنقل الكفة والضغط بين المتنافسين عند خسارة الثنائية، أو تسجيل هدف أم إصابة القائم عند التسديد، أو مراوغة لاعب. لذا فأنت تفكر دائماً ببضع ثوانٍ من المستقبل، والنظام سيُساعدك بتحقيق ما تُريده في حال امتلاكك لزمام الزخم بالمباراة.

من الناحية البصرية، يُمكنك أن تشعر أن اف سي 24 مبنية على أسس FIFA 23. ويظهر ذلك جلّياً في كل من الرسومات الداخلية والعرض التقديمي. كما ستُلاحظ بشكلٍ واضح تحسين فيزيائية الكاميرا عند تحرّك الكرة أو تمريرها وانتقال زاوية الرؤية مع حركة الكرة لتبقى في الإطار البصري الخاص بفكرتك المُراد تنفيذها عبر أسلوب اللعب.

لم تنسَ EA تحسين طور اللعب، لا سيما وضعية Ultimate Team القادمة بتغييرات كبيرة. لأول مرة، يدخل لاعبون من الرجال والسيدات إلى أرض الملعب معاً، مما يغيّر أسلوب بناء الفريق تماماً. وأصبح لديك مجموعة كبيرة من اللاعبين السريعين والرشيقين القادرين على تشغيل حلقات حول لاعبي قلب الدفاع. وبالتالي فإن وجود الكثير من التنوع يزيد من الإثارة عند فتح حزمة FUT.التي جرى إتاحة ترقية بطاقاتها لرفع التقييم الإجمالي للاعب، بعد أن كان ذلك غير ممكناً في السابق.

من المهم الآن أن تحصل على مهاجم يتمتع بسمة “التسديدة القوية” أكثر من أن يكون لديك مهاجم بتقييمٍ أعلى. أولاً لأن “التسديدة القوية” تساعد حقاً في تسجيل الأهداف، وثانياً لأنه يمكنك تحقيق أهداف القائمة “Objectives” باستخدام ذلك اللاعب، وزيادة إجمالي تقييمه.

قد تحقق اف سي 24 مستوى جيد نسبياً لناحية التقييم العام، ربما 4 نجوم من 5. إذ تُعد مُحدّثة ومُحسّنة بالكامل، لكن لا يزال هناك الكثير في قائمة الأخطاء والمشاكل الواجب عدم ظهورها في لعبة من عام 2023. لذلك من المتوقّع أن تحمل التحديثات القادمة حلاً لجميع المشاكل..

يجب أن تعلم EA أن بعض الأشخاص لن يحبّذوا أسلوب الدفاع الجديد. وقد يشعر البعض الآخر بعدم الراحة لوجود السيدات والرجال في أرض الملعب ضمن نفس المباراة. إنما معظم رواد قطاع الجايمينج من مستخدمي أجهزة اللعب مثل بلايستيشن وغيرهم سيؤكّدون أن نسخة 2024 رائعة بشكلٍ عام لتظفر بلقب الأفضل ضمن السلسلة على مر تاريخها. وبهذا ننتظر رؤية ما ستُقدّمه اللعبة خلال مدة خدمتها.. ماذا تتوقع من التحديثات والترقيات القادمة خلال الفترة المُقبلة؟